الشاي على الطريقة الصينية
الشاي على الطريقة الصينية
أهل الصين لا يعرفون الشاي الأحمر إطلاقًا.

إعداد الشاي وتحضيره في الصين مهنة قديمة تعود لآلاف السنين، وقد كان الصينيون يجنون الشاي ويحضرونه للاستهلاك وفق مراحل. وما أدهشني حقيقة هو أن أهل الصين لا يعرفون الشاي الأحمر إطلاقًا، فالصين ينتشر فيها الشاي الأخضر والأبيض والأصفر فقط.

ويجد الصينيون متعة خاصة في ترشف الشاي، لدرجة أن بعضهم يساوي بينه وبين الدم الذي يسيل في عروقه! إنه مشروب يضفي على الحياة طعمًا ورائحةً وذوقًا. صعدنا إلى الطابق العلوي للبناية لنجتمع معا على كأس الشاي، بعدما قضينا وقتًا في تحضيره والحديث عن مزاياه. وُضع أمامي على المائدة نوعان من الشاي، أحدهما المفضل لرئيس الصين

الذي يحب اقتناءه من هذه القرية، وهو ينبت في آخر أسبوع من شهر مارس/آذار، وقد يحدث أحيانًا ألا ينبت في هذا الوقت، بل ينبت بورق معين في أعلى الشجرة، ويصل سعر الكيلوغرام منه إلى ستة اَلاف دولار، أما النوع الآخر فهو الشاي العادي الذي ينبت على مدار السنة.

وأنا أعد الشاي تحت إشراف مضيفتي، أخبرتني أن هذا الشاي “المركز” أو الثقيل الذي أعددناه تكون رائحته قوية وأقوى بكثير من الشاي العادي، كما أن مذاقه يكون قويًا بعض الشيء، احتسيت رشفة من الكأس وكان مذاقه جيدا. والحقيقة أن ما يجعل هذا الشاي مميزًا فعلا هو أن الحكومة الصينية تقدم الشاي المنتج في هذه المزرعة هديةً إلى الزعماء ورؤساء الدول الذين مروا من هنا، مثل الرئيس “ريتشارد نيكسون” و “باراك أوباما” وغيرهما.

مثل باقي المجتمعات التي تمتلك أشياء تجعلهم يجتمعون حولها، فإن الصينيين غالبًا ما يجتمعون خلال اجتماعاتهم ومحادثاتهم حول كؤوس الشاي، مثلما يجتمع الناس في الأرجنتين والباراغواي حول مشروب “المتة”، أو مثلما نجتمع في البلاد العربية وخاصة في قطر والخليج حول فناجين القهوة، التي تعد جزءًا من ثقافتنا الشعبية. لكن الشاي في الصين له أهمية كبرى في ما يخص قيمته الاقتصادية، حيث تتجاوز قيمة “سلسلة” صناعة الشاي بأكملها حوالي 86 مليار دولار، وهو مبلغ كبير يفوق موازنات كثير من الدول.

غادرت المكان مودّعًا وشاكرًا لهؤلاء الناس حسن ضيافتهم، مكملً طريقي لاكتشاف ما تزخر به الصين من فرائد، وما فيها من أخبار وأسرار. أكملت طريقي بين الأشجار والأراضي تتوشح رداءها الأخضر المريح، ومررت بمزارع يحمل فاكهة للبيع، لم أستطع مقاومة منظر التين، تذوقته وأنا مستمتع بطعمه اللذيذ، ثم دفعت ثمن التين بعد شراء بعض منه، وواصلت طريقي.