
للحضارة التركية قديمًا وحديثًا نصيب من المساهمة في العلوم البشرية المختلفة، وكان الأتراك وما زالوا من الأمم المهتمة بالعلوم والتكنولوجيات الحديثة، ومع النهضة التركية الأخيرة أصبحت المعرفة بشتى أنواعها وأشكالها إحدى أولويات تركيا.
لم تكن رحلتي لتكمل دون اكتشاف أمثلة حية عن هذا التطور الرقمي والتكنولوجي التركي، لذلك قصدت مكاتب سكورب لأدخل عالمًا جديدًا يضاهي وادي السيليكون ”السيليكون فالي“ والأقطاب التكنولوجية العالمية.
تعرفت إلى شاب تركي يدعى سنان، اصطحبني في رحلة جميلة لأتعرف على مشروعه المميز. بعد أن أخذت فنجانًا من القهوة التركية اللذيذة، المحسِّنة للمزاج، أصبح عقلي مستعدًا لفهم تركيبة المشروع وأهدافه.
بدأت فكرة مشروع سنان وأصدقائه عندما كان ما يزال طالبًا، وذلك بعد أن شاهد فيلما أمريكيا يدعى ”الشبكة الاجتماعية“، وهو فيلم درامي من إنتاج عام 2010، يحكى الفيلم قصة تأسيس موقع خدمة الشبكة الاجتماعية فيسبوك، أمده الفيلم إلهامًا قويًا وبدأ يتساءل عن سبب الاستهلاك الكبير للمنتجات الأمريكية في مجال التواصل الاجتماعي، في ظل عدم وجود شبكات تواصل اجتماعي محلية.
في ذلك الوقت كان الانستغرام والسناب شات وبقية الوسائل تنمو بقوة؛ فخطرت ببال سنان فكرة تأسيس تطبيق خاص بالفيديوهات فقط، بدأت الفكرة كحلم لكنها سرعان ما تحققت على أرض الواقع.
في الوقت الراهن، تطبيق سكورب من أهم التطبيقات في وسائل التواصل الاجتماعي، بنحو 19 مليون عضو مسجل، وحوالي 60 مليون ناشط شهري، وثلاثة مكاتب دولية، أذهلتني هذه الأرقام وأنا أسمعها؛ فقد استطاع سنان وفريق عمله أن يقوموا بإنجازٍ عظيم في ظرف سنتين ونصف، وهي مدة زمنية قصيرة.
ككل مواقع التواصل الاجتماعي، يسعى سنان وطاقم عمله أن يتزايد عدد المستخدمين لتطبيق سكروب، ويأمل أن يصلوا إلى مليار مستخدم خلال الأعوام المقبلة.
سافر سنان إلى مدن كثيرة رائدة في مجال التواصل الاجتماعي من كل أنحاء العالم؛ فقد زار سان فرانسيسكو ودخل عالم وادي السيليكون في الولايات المتحدة الأمريكية، و ”سيليكون ميلكراوند أباوت“ في لندن، لكنه اختار مدينة إسطنبول لتكون محطته الرئيسة التي أطلق منها مشروعه، ويعزى السبب إلى أن إسطنبول أصبحت مدينة دولية، وتتوفر فيها كل المقومات والشروط الازمة لتأسيس أي مشروع في مجال التواصل الاجتماعي، ويمكن لهذا المشروع أن ينافس على المستوى المحلي وحتى العالمي. كما يؤمن سنان أن الشباب التركي يجب أن يكون مجندًا لخدمة بالده والمساهمة بشتى الطرق والوسائل لتقدمها وبناء نهضتها.
بعد أن اختار سنان وفريق عمله مكان انطلاق مشروعه، وبلوَّر فكرته جيدًا حول التطبيق ومميزاته وخصائصه، كان عليه أن يختار اسمًا مناسبًا له، سكورب -حسب ما قال سنان- كلمة يمكن أن ينطقها الجميع دون أن تتغير طريق نطقها، من قلب تركيا في الأناضول، إلى مدينة مكسيكو عاصمة المكسيك، والكلمة قريبة من سكوربون التي تعني العقرب، ويمكن اشتقاق كلمات كثيرة منها، ومن ثَمَّ فالاسم كان مميَّزًا.
كان حواري مع سنان في عالم التكنولوجيا وشبكات التواصل الاجتماعي مثمرًا، وتيقنت أنه لا محيد عن صناعات تركية محلية تنافس على المستوى العالمي، هذا سبيل بناء نهضة حقيقة يكون عمادها الشباب.أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي في وقتنا الراهن وسيلة تسويق هامة يلجأ إليها العديد من المبدعين من أجل تصدير أعمالهم نحو العالم، لم أكن لأتمم الرحلة من دون زيارة واحد من هؤلاء المشاهير، الذين أصبحوا يتصدرون شاشة العالم الأزرق.