تركيا.. عوالم وإبداعات
تحتضن تركيا عوالم من الحضارة الإسلامية وإبداعاتها، وخلال ترحالي في هذه البلاد، كانت وجهتي إلى متحف تاريخ العلوم والتكنولوجيا في الإسلام في قلب مدينة إسطنبول.

تحتضن تركيا عوالم من الحضارة الإسلامية وإبداعاتها، وخلال ترحالي في هذه البلاد، كانت وجهتي إلى متحف تاريخ العلوم والتكنولوجيا في الإسلام في قلب مدينة إسطنبول. بالإمكان وصف هذا المعلم بالمؤسسة البحثية والمتحف، حيث يضم لوحات جدارية ومعروضات بصرية تمثل مؤسسات وهيئات علمية، أسسها علماء المسلمين كالمراصد الفلكية والكليات العلمية وغيرها، بالإضافة إلى نماذج لاختراعات ونجاحات علمية حققها المسلمون في تاريخهم الحضاري الطويل.

يسعى المتحف للتعريف بالدور الهام والرائد للعلماء المسلمين وإبراز إنجازاتهم العلمية والتقنية، داحضًا فكرة المركزية الأوروبية الكلاسيكية، التي تُرجِع الفضل لعلماء أوروبا وحدهم في النهضة العلمية البشرية.

أخذني المتحف إلى زمن العظماء، زمن تفوق العرب والمسلمين في مختلف فروع المعرفة، استوقفني تصميم للعالم العربي المسلم أبو العز بن إسماعيل الجزري، المهندس والميكانيكي العظيم، والأب الفعلي للروبوتات، صاحب نظريات هامة تعد اليوم مرجعًا لا غنى عنه لدراسة الميكانيك في كل جامعات العالم.

داخل المتحف الكبير مجسمات للعالم العربي الكبير أبي القاسم عباس بن فرناس القرطبي، العالم الموسوعي الذي برع في الشعر والرياضيات والفلك والكيمياء، وصاحب أول نظرية في الطيران. للعالم الأندلسي كثير من الاختراعات، فقد كان عبّاس بن فرناس أوّل من صَنَع الزجاج من السيليكا في الأندلس، وساعده في ذلك فَهْمه العميق للكيمياء وبراعته فيها.

ختمت رحلتي في ذلك اليوم متفائلًا ومتأكدًا أن ما بدأه أجدادنا المسلمون منذ مئات السنين، سيدور الزمن وسيكمله الأحفاد بالذكاء والجد والمثابرة، والتجربة التركية خير دليل على استلهام شبابها ماضيهم الزاهر، والمضي قدمًا نحو التطور والابتكار في المجالات التكنولوجية والعلمية والتقنية المختلفة.