هانغزو.. عالم بلا نقود!
Ali Bin Towar Network
خرجت من المتجر والدهشة لا تفارقني من هذا النظام الفريد!

خلال تجوالي في هانغزو الصينية، دخلت مطعم، وكان الغريب أني لم ألحظ أي زبون يحمل نقودًا أو محفظة نقود، بل يدفعون الحساب باستخدام الانترنت، من خلال تطبيقات ذكية منها (Alip). هذا التطبيق العجيب سهَّل حياة الناس بشكل كبير، ربما أنا الشخص الوحيد الذي يحمل نقودًا، مع إنني استغنيت عنها منذ فترة، لما اكتشفت هذا التطبيق. أثناء خروجي من المطعم الفخم، التقيت فتى وفتاة وأحببت أن أعرف هل يحملان نقودًا، وجرى هذا الحوار:
علي: هل تحمل محفظة نقود؟
الشاب: لا طبعًا!
علي: إذن فأنت لا تمتلك محفظة! أخبراني عن القيمة التي أضافتها “علي باي” لك.
الشاب: تساعدنا أينما تواجدنا، وبإمكاننا استخدام هواتفنا للدفع، أينما كنا، ولسنا بحاجة لإحضار المحفظة أو النقود.
علي: حدثني عن مبدأ التطبيق، سمعت أنه يمتلك أشجارًا، أو شيئًا ما، حاولت فهمت التطبيق بنفسي، حدثني عنه. 
الشاب: نعم! لدينا الأشجار الكرتونية، أعتقد أن اسمها (انت فوريست).

ما أثارني في هذه التقنية، أنك كلما تعاطيت أكثر مع “علي باي” لن يكافئوك بليلة مجانية في فندق خمس نجوم، ولن يعطوك مكانً مريحًا قبل ركوب الطائرة، ولن يمنحوك خدمات أسهل، بل يعطونك فرصة في المساهمة لتشجير العالم؛ فتزرع شجرة حقيقية. وأنا أقف قرب سلسلة المطاعم العالمية، تذكرت ذلك اليوم الذي كانوا يحتاجون فيها موظفين لشغل 23 منصبًا شاغرًا عندهم، فتقدم للوظيفة 24 طالب بينهم جاك ما، قبلوا 23 شخصًا، ولم يقبلوا جاك ما!

تعرض جاك ما لكثير من الاحباطات، لكنها لم تزده إلا إصرارًا على النجاح، وعزز ذلك من طاقته وأشعل من عزيمته إلى أسس فرعًا للمطعم الذي رفضه سابقًا، ويتواجد الفرع في أحد أكبر المباني التي يمتلكها جاك ما.

في قلب علي باي، أكثر من 900 مليون مستخدم للتطبيق، فضاء جميل يجذب الأنظار، هذا الفضاء الجميل المفتوح الذي يحتضن كثيرين، أعجبتني طريقة الناس في العمل، منظر جميل ومرتب بشكل جيد، مع بعض الديكورات والدمى الملونة تأخذ أشكالًا متنوعة، وترمز إلى الشركة، منظر يدخل في النفس شعورًا بالراحة والأمل وحماسًا للعمل وإقبالا على الحياة.

وأنا أتجول في هذا الفضاء الجميل، لاحظت أن هناك نوعًا من الثلاجات نفسها موزّعة في الصين كلها، تعمل بالتطبيق نفسه، بعدما زرع أشياء كثيرة في كل البالد وسهّل حياة الناس. أردت فتح إحدى الثلاجات، حملت هاتفي وركزته على “الكود” وطبعته إلكترونيًا؛ ففتح باب الثلاجة في ثانيتين.

الأشياء والمواد الاستهلاكية مرتبة عشوائيًا لكنها محفوظة في النظام بشكل جيد، ولأتأكد من ذلك تناولت عصير البرتقال من داخل الثلاجة وأغلقت الباب بهدوء على أساس أنني غادرت المكان، مباشرة بعد ذلك يبدأ “البرنامج” أو التطبيق يحسب الأشياء المفقودة من الثلاجة وظهر في الشاشة أن هناك شيئًا مفقودًا؛ إنه عصير البرتقال إذ أجرى البرنامج مسحً إلكترونيًا، وتعرف على الثلاجة من جديد وظهر له أن العصير هو المفقود وحدد ثمنه بما يعادل ريالين تقريبًا.

تطبيق رائع أسهم بشكل كبير في بناء مستقبل المتاجر، دخلت متجرًا يعتمد الطريقة أوتوماتيكية، وتعرفت إلى صاحب التطبيق نفسه داخل المحل، ليس هذا فحسب، بل إنه يعرف البضاعة التي اشتريتها، ضغطت على زر الموافقة في الشاشة، وليتأكد الجهاز من حسابي تم “المسح الفوتوغرافي” وأخذ لي صورة، بعدها أدخلت الرمز واستلمت الفاتورة، وفيها بيان الحساب والمبلغ دفعته، وأعتقد أن هذا المحل يستحق اسم المتجر الذكي % 100 .

خرجت من المتجر والدهشة لا تفارقني من هذا النظام الفريد، حتى الشوارع في الصين تحاكي هذا النظام الذكي، السيارات تجوب الشارع في هدوء وجمال، والحافلات تمر كأنها تتبختر أمام شموخ المباني الشاهقة، وأنا أعبر بدراجتي الهوائية وسط هذا الجمال الهادئ، الذي يمتزج فيه الهدوء مع الضجيج المنظم، الحرارة مع البرودة، الين واليانغ، حتى وصلت إلى فندق جميل لم أشك للحظة أنه في ملك “علي بابا” أيضًا.