
خلال ترحالي في تركيا ومع وصولي إلي مدينة أنطاكيا، دخلت إلى أعمق غاباتها. لم يكن الأمر ممكنا بدراجتي الهوائية أو حتى بسيارة عادية، لذلك أخذت دراجة رباعية الدفع لأصل إلى مناطق جميلة ونائية، خصوصاً أن فصل الربيع كان في أوجه، وكان هناك نسيم عليل وسماء زرقاء صافية وأشجار شاهقة وورود مختلفة الألوان والأشكال، وكأنني داخل لوحة فنية لا متناهية.
واستمراراً في رحلتي الشيقة لاكتشاف مزيد من سحر جغرافية مدينة أنطاكيا، ركبت ”التلفريك“ متجها نحو جبال ”تاهلي“، التي تعتبر من أندر القمم الجبلية في تركيا بل والعالم، فهذا المكان الساحر يتيح للإنسان أن يسبح في البحر المتوسط مستمتعاً بشمس حارة.
تعج مدينة أنطاكيا والقرى المحيطة بها بالكثير من الآثار الرومانية والبيزنطية، فالموقع الاستراتيجي للمدينة جعلها مركزاً تجارياً وسياسياً وعسكرياً مهماً عبر التاريخ، لكن أكثر ما أبهرني من هذه الآثار التاريخية هو القلاع التي ما زالت شاهدة على قوة الدول التي حكمت البحر المتوسط. تجولت في وسط المدينة فانبهرت بمدى تنوع المنتجات الثقافية الموجودة من أزياء تقليدية وأكلات متنوعة شهية.
كانت رحلتي إلى مدينة أنطاكيا وما يحيط بها من قرى فريدةً من نوعها، استغربت في بداية الأمر من عدد السياح الهائل في أرجاء المدينة، لكن كلما اكتشفت معلماً أثريا أو جانباً من جوانب جغرافيتها المتنوعة، أو حتى ثقافتها الفولكلورية الغنية، ازددت يقيناً بأن هؤلاء السيّاح يعرفون جيداً وجهتهم ومقصدهم. ففي يومٍ واحدٍ شاهدت آثارا لحضارات تاريخية عظيمة، إضافة إلى أن المدنية فيها بنية تحتية متطورة تستوعب كل احتياجات السياح، وكان كلَّ شيءٍ مميزا في أنطاكيا. لهذه المدينة طابع خاص بها، فتنوعها الطبيعي المبهر يجعل الإنسان يرى الأنهار والشلالات والغابات والجبال والبحر في يوم واحد، إضافة إلى عراقة المدينة وتجذُّرها في التاريخ، وكل هذه مقومات تجعل مدينة أنطاكيا وجهة سياحية تستحق عن جدارةٍ لقبَ ”ريفييرا“ تركيا.