قصر بيلاربيّ
Ali Bin Towar Network
زادت دهشتي بمجرد أن وطأت قدماي مدخل القصر!

من قصر ”بيلاربيّ“، قصر الضيافة العثماني والتحفة المعمارية النادرة في إسطنبول، بدأت تأمل تاريخ تركيا التليد. يقع قصر بيلاربيّ في منطقة أسكدار، ويطل على مضيق البوسفور في الشطر الآسيوي من إسطنبول، وقد بُني منتصف القرن التاسع عشر بفرمان (قرار) من السلطان عبد العزيز الأول، وتم افتتاحه عام 1865 م.

سكن هذا القصر السلاطين والأمراء العثمانيون المتعاقبون، وكان مقراً لاستقبال وفود رفيعة قدمت من مختلف أرجاء العالم. لذلك يشعر الإنسان بهيبة المكان وعظمته منذ لحظة مشاهدة بواباته البحرية العملاقة. وهو ما يشير له أسم القصر أيضاً، فكلمة بيلاربيّ تعني “سيد الأسياد”، وهو لقب تعود جذوره للقرن السادس عشر ميلادياً.

بُني قصر بيلاربيّ على أنقاض قصر خشبي كان يسمى بــ ”القصر الأصفر“ – نسبة للونه الأصفر آنذاك – ولكن أفضت حادثة حريق إلى دمار كبير في ذلك القصر الخشبي في عهد السلطان محمود الثاني في القرن التاسع عشر.

بعد تلك الحادثة، ومع تولي السلطان عبد العزيز الأول مقاليد الحكم، أمر ببناء قصر بيلاربيّ، وتولى مهمة الإشراف على بناء القصر المهندس المعماري العثماني ”ساركيس باليان“.

يتربع قصر بيلاربيّ على مساحة تبلغ 2,500 متراً مربعاً، ويتكون من 26 غرفة و6 قاعات استقبال كبيرة. وتحتوي إحدى تلك القاعات – ”القاعة الرخامية“ – على نافورة وبركة.

وتُكسى أرضية القصر بالسجاد الأحمر من نوع ”هيريكه“ وهو سجاد تركي مصنوع يدوياً ويمتاز بألوانه الزاهية وأسلوب زخرفته الإسلامي، ويُحاك من الحرير وبخطوط ذهبية، ويُعدٌ هذا السجاد من أفخم أنواع السجاد عالمياً.

كما يتزين القصر بالثريات الكريستالية البوهيمية، ولهذا النوع من الكريستال تاريخ طويل ينحدر لقرون، ومُعترف بجودته العالية وجماله وتصميماته المبتكرة عالمياً. ويزين القصر أيضاً الساعات الفرنسية ومزهريات من الصين واليابان وفرنسا.

استقبل قصر بيلاربيّ عديد الشخصيات المهمة مثل الإمبراطورة الفرنسية ”أوجيني دي مونيتو كوتيسه“ – زوجة الإمبراطور ”نابليون الثالث“ – التي زارته عام 1869 م وهي في طريقها لافتتاح قناة السويس. وزاره أيضاً إمبراطور النمسا ”فرانز جوزيف الأول“، وشاه إيران ”ناصر الدين القاجاري“، و ”إدوارد الثامن“ ملك المملكة المتحدة مع زوجته “واليس سمبسون”.

وكان قصر بيلاربيّ مآوى للسلطان عبد الحميد الثاني وعائلته بعد نفيهم إليه عام 1912 م، واستقروا فيه حتى وفاة السلطان عام 1918 م.

زادت دهشتي وانبهاري بمجرد أن وطأت قدماي مدخل القصر الذي أصبح متحفا الآن. التصميم مبهر ولافت للنظر كما وصفت، ويروي كل جانب فيه قصص يفوح منها عبق التاريخ العريق.