
بعد تفكير عميق وبدعم من عائلتي وعلى رأسهم أخي عيسى، قررت الذهاب إلى الولايات المتحدة الأمريكية. كنت سافرت إلى هناك للدراسة وكانت معلوماتي عنها في البداية محدودة جداً. وبعد عدة أسابيع من وصولي إلى أمريكا استطعت الاستقرار ويعود الفضل في استقراري وبقائي فيها إلى الله أولا ثم إلى مجموعة شباب من الخليج تعرفت عليهم هناك، خاصة أن الحنين إلى أهلي وموطني كان شغلي الشاغل، كما أنني كنت أعتقد أن مجتمعي على صواب في كل شيء ونحن الأفضل اجتماعيا. ولكن بعد فترة ومن خلال تعلمي للغة الإنجليزية واختلاطي بالكثير، تغيرت نظرتي وعرفت بأنه لا يوجد مجتمعٌ أفضل من مجتمع أو ثقافة أفضل من أخرى، ولكن بقي لدي القليل من هذه النظرة، فكلُّ فردٍ يحب أن يرى مجتمعه هو الأفضل وأتمنى أن نتخلص من هذه النظرة جميعنا.
الولايات المتحدة توقفت جزئيا في التطور العمراني أواخر الثمانينيات لصعوبة قوانين البناء والشروط بعدم المساس بالمناطق القريبة من البحر والأنهار من أجل الحفاظ على البيئة، مما دفع بالمستثمرين إلى البحث عن مناطق غير تابعة للولايات المتحدة مثل كانكون وباها كاليفورنيا في المكسيك، فكثيرٌ من الدول سبقت الولايات من الناحية العمرانية والفكرية والتعليمية أيضا. والكثير منا اندهش بعد رؤية أمريكا، فهي لم تكن بمثل ما سمعنا عنها.
من وجهة نظري، إنَّ ما يميز الولايات المتحدة بشكل رئيسي هو نظامها الرأسمالي، فكثير من الشركات لها تدخُّلٌ سياسيٌ واستطاعت تغيير القوانين في العاصمة الأمريكية واشنطن. أما من ناحية المواصلات، فيمكن التنقل من ولاية نيويورك إلى ولاية كاليفورنيا برخصة القيادة فقط أو بالبطاقة الشخصية. ووسائل خدمات الشوارع متوفرة دائما، حيث توجد استراحة كل عشرة كيلو مترات وفيها ما يلزم للراحة ومواصلة الطريق. الحياة العملية سهلة وانسيابية جداً في الولايات المتحدة.
تمتاز الولايات المتحدة بوجود الخليط الاجتماعي فيها من كل أنحاء العالم. وهذا يجعل الناس متفهمين في تعاملهم واحترامهم لطقوس وعادات الآخرين، والذي يجمعهم هو أنهم تحت راية العَلَم الأمريكي، فمن عاش في الولايات المتحدة مدة قصيرة ينتابه الشعور بالولاء لأمريكا. فالكثير من الطلاب هنا يسعون للدراسة فيها ليس فقط لأن تعليمها هو الأقوى عالميا، بل للإحساس بالمسؤولية في مجتمع يكون الجميع فيه متساويا ولا فرق بين ذوي الدخل المحدود وغير المحدود ولتنمية الأفكار. ولكن للأسف، هناك الكثير من يأخذ الطابع السيء من المجتمع الأمريكي، ويعتقد أنه بذلك يقترب منهم، لكن يتوجَّب علينا احترام ديننا في أي زمان ومكان.