
تقع قرية فيلا دي ليفا على بعد (162) كيلومترا من العاصمة الكولومبية بوغوتا، وترتفع عن سطح الماء حوالي (2144) متراً، وقد تم تصوير أفلام كثيرة فيها مثل (زورو) وغيره، إذ حافظت هذه القرية على هويتها المعمارية منذ أن وُجدت عام 1572، فلا تزال بنفس المنازل والجدران، كما أنَّ شعبها يمتاز بأخلاق عالية ولطيفة فهم يرحبون بكل غريب.
بدأت أتجول في الشوارع الحجرية للقرية مستغرباً كيف بنى الإنسان قريةً بهذه الصلابة في ذلك الوقت وبمعدَّات بدائية، فهذه القرية خير دليل على أنَّ الانسان أقوى ما تتخيل عقولنا.
وبينما كنت شارداً استوقفني طفلٌ وطلب مني أن أشتري له (بوظة) فابتسمت واصطحبته إلى المحل المجاور، وقلت له: يجب عليك أن تكون في المدرسة الآن، فطلب مني عدم إخبار أبيه، ولكنني قلت له: لا علاقة لي بإخبار أبيك بذلك، حتى والدك ليس له علاقة بنجاحك، فالتعليم لك والنجاح لك وكل من يحبك يريد أن يتحقق ويتأكد من هذا.
لكنَّ الطفل غير الموضوع بقوله: هل يمكنك إضافة الشوكولا إلى الآيس كريم؟ فابتسمت ووافقت على طلبه وبعد إعطائه ما يريد أكملت طريقي في المدينة متفكراً عن مدى أمان هذه القرية، فالآباء مطمئنون على أبنائهم ويدعونهم يتجولون بأمان، قد يرى بعض الناس بأنهم آباء غير صالحين ولكن بسبب القرية وأمانها فهناك منظورٌ مختلفٌ عند الآباء والأمهات.
مع اقتراب وقت الغداء اجتمعت من مع دييغو وزوجته في أحد المطاعم الشعبية وكانت الموسيقى الكولومبية الحية في أرجاء المطعم وجذبتني الألوان الموجودة فيه فالكراسي زرقاء على طاولات من الخشب المعتّق في وسط منزل مفتوح، وعلى مرأى العين يوجد نافورة جميلة وسط الساحة تحيط بها الأزهار، وكان الطبخ موجوداً على حطبٍ مقطوعٍ من أرياف القرية لذلك فالطعام له نكهة كولومبية معتّقة برائحة الخشب المحلية الجميلة.
بعد الغداء ذهبنا إلى منزل مصنوع من الطين والفخار بالكامل وهو حاصل على شهادة من موسوعة غينيس للأرقام القياسية كأكبر منزل مصنوع من الفخار في العالم وقد استغرق بناؤه (9) سنوات. ثم ذهبنا بعدها إلى مزرعة أحد أصدقاء دييغو وكان فيها خيولٌ جميلة فركبنا جميعنا الأحصنة وتجوَّلنا في أرياف القرية التي تحدثنا عنها وعن تاريخها، وكان الطقس جيداً ومنظر الغيوم كأنها تغطي الجبال.
سيظل ذكرى زيارة هذه القرية في قلبي ومخيلتي، خاصةً عندما جلست في شرفة أحد المنازل أنتظر ظهور الشمس من بين جبالها والغيوم كانت تتسارع وكأنها تخاف من الشمس، بالإضافة إلى الهدوء وصوت الرياح من بين أغصان شجر القرية، لقد وجدت هذه القرية حلاً تمنيت لو يتوقف الوقت هنا.