في ميناء كوتشي!
Ali Bin Towar Network
روايات كثيرة تحدثت عن وصول العرب والبرتغاليون والإنجليز إلى الهند.

قرأت روايات كثيرة تحدثت عن وصول العرب والبرتغاليون والإنجليز إلى الهند، وصلوها عبر مياه بحر العرب، مارسوا تجارات متنوعة وأنشطة متباينة؛ فلو تحدثت هذه البحار عن تاريخ مرور القوافل والسفن، والجنسيات، وأنواع التجارة المحمولة؛ لاكتشفنا عجبًا عجابا!

من أجل التاريخ، قررت أن تحملني خطاي إلى قلب هذا البحر، وأستكشف هذه الذاكرة القديمة وأنقِّب فيما يحمله البحر وغروب كيرلا، الشاهد على مواقف كثيرة خلال قرون خلت.

قديمًا عرف النَّاس مدينة كوتشي مركزًا تجاريًّا، التقى فيها التُّجار الرومان والصينيون والعَرب، باعوا مختلف أنواع السلع القيِّمة، سِلعٌ جمعها التُّجار مِن كُلِّ مكانٍ في العالم، وأسهم وجود ميناء كوتشي في إبراز أهميتها، وسهَّل حركة التجارة ويسَّر سُبُل التنقل.

كوتشي الجميلة هذه المنطقة المميزة في ولاية كيرلا، تطل على الساحل الأوسع لبحر العرب. أطلق عليها البرتغاليون اسم ليشبونة الصغيرة، وخلع عليها الانجليز “بريطانيا الصغرى”، أما الهولنديون فنعتوها بـــ “أرض الوطن”، واتفقوا ضمنيًّا على اسم واحد لها؛ “عروس بحر العرب”.

تبلغ مساحة مدينة كوتشي الجغرافيّة 94.88 كيلومتر مربع، أمّا تضاريسها الجغرافية للمدينة فمسطحات خضراء، وعلى مساحةٍ كبيرة مِنها يمتدُّ سهل ساحلي بالقُربِ مِن البحر، إذ يرقد ميناءُ المدينة، وقد شهد هذا المكان أول معركة بحرية بين البرتغاليين والهولنديين في سنة 1656 م.

تمتد سواحل بحر العرب لمسافة تصل إلى 600 كيلومتر، مطلة على بحر العرب، ولكن أمورًا كثيرة تميز المنطقة عن غيرها، وتشي ببصمات الاستعمار الواضحة، كل ذلك ينمُّ عن ماضي المدينة السحيق الزاخر بعبق التاريخ وتلاقح الثقافات.إنها عالم كامل بمفردها، حافظت على عينات من حقب ماضية، ولا تزال تفخر بتلك الأيام. إن كان بمقدورك أن تشم رائحة الماضي، فال شيء يمنعك من المشي بين شوارعها ومرافئها. لم تحظَ كوتشي بزخم التاريخ وغنى التوابل فحسب، بل حظيت أيضًا بتنوعها الفريد والجميل، فهي مدينة بروح استوائية وتقاليد استوائية، بحياة مفعمة بالألوان وبميزات أخرى كثيرة.. إنها حقا عروس البحر. حين نبحر وترتفع بنا الأمواج، لا أتذكر إلا شيئًا واحدًا فقط، أتذكر أجدادنا التُّجار حين خرجوا من الخليج العربي بحثًا عن تجارة التوابل، قطعوا مئات الأميال في البحر ليبلغوا هذه المنطقة، منطقة كوتشي. في هذه اللحظة، لا أذكر سواهم؛ فأدعو الله تعالى أن يرحمهم ويغفر لهم.