مدينة قونيا.. مثال النهضة
يتميز الاقتصاد التركي بالنمو والتطور.

كلما زادت رحلاتي ومغامراتي في تركيا، أصبح أكثر يقينًا أن المقومات الطبيعية والبشرية والتاريخية والحضارية والثقافية كلّها متظافرة بقوة لبناء النهضة التركية على المجالات والأصعدة كافة، تجربة رائدة تستحق الاكتشاف والتأمل في بنيتها وأسسها وعوامل نجاحها.

يتميز الاقتصاد التركي بالنمو والتطور فقد حقق خلال العقدين الأخيرين قفزة نوعية هامة، ويعتبر القطاع الزراعي من بين أهم القطاعات الاقتصادية الرئيسية الرافعة للاقتصاد التركي. وتحتل تركيا المرتبة السابعة عالميًا في الإنتاج الزراعي، وأصبحت تنافس اقتصادات عملاقة مثل الولايات المتحدة الأمريكية والصين والهند، إذ تحتل المرتبة الأولى عالميًا في إنتاج العديد من المواد الفلاحية. انبهرت بهذه المعلومات وأنا في رحلتي؛ لأكتشف جانب من جوانب الثروة الزراعية والحيوانية التركية.

قصدت إحدى المزارعات المحلية المنتجة للحليب، والتي توجد المئات منها في ضواحي مدينة قونيا. أدهشني التنظيم المحكم لهذا المشروع الضخم، إذ تحتوي المزرعة على أكثر من 2000 رأس حيواني، زاد اندهاشي عندما رأيت كمية الحليب المنتجة، أكثر من مليوني لتر يخرج من هذه المزرعة وحدها في اليوم الواحد، أي ما يقارب ألفي طن.

كانت تجربة مميزة أن أدخل إلى المعمل، وأكتشف عن قرب مراحل انتاج الحليب، من الحلب إلى البسترة إلى الشحن، الشيء المهم الذي لاحظته الاستخدام المكثف للتكنولوجيا، في مقابل تواجد قليل للإنسان، معظم الموظفين يراقبون مراحل تطور عمليات، ويتدخلون فقط في حالات الطوارئ أو العطل.

من حسن الحظ أن المصنع الذي كنت أراقب منه عمليات انتاج الحليب، كان هو المسؤول عن تصدير الحليب إلى قطر، مئات آلاف العلب مجهزة للشحن، وتكون في القريب العاجل داخل الموائد القطرية. فقد صنعت هذه البضاعة خصيصًا للشعب القطري، وكتب علبها باللغة العربية، حتى يتيسّر فهم عناصرها وقيمتها الغذائية.