
تسهم عمليات التنظير الداخلي، التي تُجرى بتدخّل جراحي قليل التوغل لا يترك ندوبا على البشرة، في توسعة نطاق خيارات العلاج المتاحة للمرضى المصابين بالسمنة المعقدة والمزمنة، وتقدّم لهم الأمل بالعلاج عند فشل طرق فقدان الوزن الأخرى أو عندما لا تعود الجراحة خيارا طبيا مناسبا، أو لأي أسباب أخرى، وفقا لخبير طبي من ”كليفلاند كلينك“.
وقال الدكتور روبرت سيمونز-ليناريس، مدير إدارة عمليات تنظير السمنة في ”كليفلاند كلينك“، إن تعديلات الحمية الغذائية ونمط الحياة والأدوية وجراحات إنقاص الوزن كانت الأسس التقليدية التي يقوم عليها علاج السمنة، مشيرا إلى أن العقد الماضي شهد ظهور عمليات تستخدم منظارا داخليا وأنبوبا مرنا مزودا بضوء وكاميرا تُمرّر عبر الفم.
وأضاف الدكتور سيمونس-ليناريس أن عمليات التنظير تسد الفجوة بين الأدوية والجراحة، مشيرا إلى أن القاعدة العامة تقول إن ”النهج العلاجي المتبع كلما كان أكثر توغلا زاد فقدان الوزن“، لكنه أوضح أن الأدوية والتعديلات التي تُجرى على نمط الحياة توجد عند الحد الأدنى من مقياس التوغل، وهذه قد لا تفلح مع العديد من الأشخاص.
ويقصد بالعلاج المتوغل في هذه الحالة الذي يتطلب مقدارا أكبر من الجراحة، والذي قد يترك ندوبا على البشرة نتيجة القطع الجراحي ثم الخياطة.
مؤشر كتلة الجسم- السمنة

وأضاف الخبير الطبي أن الشخص يُصنف بأنه مصاب بالسمنة إذا كان مؤشر كتلة جسمه 30 أو أكثر، وذلك يترك العديد من المرضى غير مؤهلين لإجراء جراحة السمنة، معتبرا أن إجراءات التنظير الداخلي ”تتيح بديلا قابلا للتطبيق“.
3 حلول تنظيرية
وفي الوقت الحالي ثمة 3 حلول تنظيرية أولية متاحة أمام المرضى، في حين يُتوقع أن تزداد في المستقبل. وتؤدي العمليات الحالية إلى تقليل السعرات الحرارية المستهلكة وتُجرى في العيادات الخارجية، ولكن زمن إجرائها يختلف من عملية إلى أخرى.
وتهدف العملية الأولى، وهي تكميم المعدة بالمنظار، إلى إحداث حلّ دائم يتمثل في خياطة المعدة لتقليل حجمها إلى حجم حبة موز، على غرار النتيجة التي تتحقق بتكميم المعدة الجراحي. أما العملية الثانية فتشمل بالون المعدة، الذي يشغل حيزا ويحفز الشبع ويستخدم 6 أشهر، ويُزرع ويُزال بالمنظار.
ويتمثل الحل الثالث في وضع أنبوب شفط صغير في المعدة عبر التنظير الداخلي، يمكّن المريض من إزالة ما يصل إلى 30% من محتويات المعدة بعد تناول الوجبة، ويمكن إزالة هذا الأنبوب بعد الوصول إلى الوزن المستهدف.
عمليات ثانوية
وقال الدكتور سيمونس-ليناريس إن طرق التنظير الداخلي مفيدة أيضا كعمليات ثانوية لفقدان الوزن في الحالات التي يزيد فيها وزن المريض بعد خضوعه لجراحة السمنة. وتضمن أساليب التنظير الداخلي المختلفة عدم اضطرار المريض إلى تكرار الجراحة الأصلية أو الخضوع لتعديل جراحي أكثر توغلا إذا حدث تمدد لمعدة المريض بعد عملية سابقة.
ويخضع المريض قبل القرار بإجراء الجراحة لتقييم كامل للأهلية يُجريه فريق متعدّد التخصصات، يحدّد كذلك خلاله وجود أي أمراض مصاحبة، مثل السكري أو توقف التنفس أثناء النوم، وأي عوامل أخرى كاضطرابات الأكل التي تحتاج بدورها إلى علاج. وتُعدّ التعديلات على نمط الحياة حجر الزاوية في أي علاج للسمنة.
وشدّد الخبير على أنه لا يوجد علاج واحد يناسب جميع مرضى السمنة، لأنها مرض معقّد له العديد من الأشكال والأسباب، لافتا إلى وجود حاجة أحيانا إلى علاجات مُركّبة. وقال إن عوامل متنوعة جينية وبيولوجية ونمائية وسلوكية وبيئية تسهم في زيادة الوزن وتطور السمنة.لا يوجد حل سريع لعلاج السمنة
وأضاف ”لا يوجد حل سريع لعلاج السمنة، بل إن جميع أساليب العلاج تتطلب الحرص وبذل الجهد من جانب المرضى. وتمثل عمليات التنظير الداخلي التي أشرنا إليها أدوات إضافية لعلاج السمنة والتخفيف من تأثيرها الكبير في صحة السكان، ولا تُعدّ علاجات بسيطة“.
وينبغي للمرضى تعديل نظامهم الغذائي وأنماط حياتهم على المدى الطويل من أجل الحفاظ على فقدان الوزن. ومن المهم كذلك حصولهم على دعم من فريق متعدّد التخصّصات من الأطباء وغيرهم من الخبراء، بمن فيهم المختصون في التغذية وعلم النفس، وفقا للدكتور سيمونس-ليناريس الذي أكّد أنّ السمنة حالة مرضية مزمنة قد تشهد انتكاسات، داعيا المرضى إلى الاستمرار في التواصل مع أطبائهم بانتظام بعد العملية ليتمكنوا من معالجة أي مشاكل عند ظهورها.
وترتبط السمنة بالعديد من أنواع السرطان والأمراض مثل السكري من النوع الثاني، وأمراض القلب والأوعية الدموية، وفرط شحميّات الدم والكبد الدهني، وارتفاع ضغط الدم.
——————–