
خلال رحلتي في الهند، توجهت إلى فورت كوتشي، شيدها البرتغاليون في 1503، وبها دُفِنَ فاسكو ديغاما، لكنهم نقلوا رفاته لاحًقا إلى لشبونة. وقفت أمام منزل ديغاما، الرحالة والبحار والمكتشف الشهير، وأحد رموز البرتغاليين الذين احتلوا المنطقة. سبب طمع ديغاما في الهند بسيط؛ السيطرة على خيرات المنطقة، وأهمها البهارات -مطمع العالم بأسره في ذلك الوقت- فكانت بمثابة الذهب الأسود يومها.
هذه المنطقة الجميلة أطلق عليها ديغاما اسم “لشبونة الصغيرة”، وهي كذلك بالفعل منطقة جميلة وخلابة، تمتاز أسواقها بالتقاء حضارات الغرب والشرق، التقت شعوبٌ وأمم على هذه الأرض، وتلاقت حضارات وثقافات؛ فالمسلمون أيضًا كانوا أول القادمين إلى “لشبونة الجميلة” عبر مينائها المميز. تحمل فورت كوتشي بصمات عربية، ولو تحدثت لقالت الكثير عن أجدادنا.
في مثل هذا المكان الرائع، يستحضر المرء متعة السفر وفوائده، ويتأكد أن السفر مدرسة فريدة وعظيمة، أساتذتها أشخاصٌ من مختلف الأجناس والشعوب، كلٌّ يحمل ثقافة ويمثل أمة. على المستوى الشخصي، تعلمت الكثير في هذه الرحلة، وفي كل خطوة أخطوها أتعرف على الجديد، أتعلَّم وأستفيد، في كلّ رحلةٍ أكتشف عالمًا جديدًا وغريبًا.
يمتنُّ المسافر لتلك اللحظات الجميلة، ويكتشف -فيها بالملموس- حجم التنوع الكبير والاختلاف العجيب بين الأمم والشعوب، وما تزخر به كل منطقة، وما حباها به الله تعالى من نعمة التنوع، بما يحمله من الجمال والتفرد.