
يُعدٌ مسجد سليمان القانوني، أو ”مسجد السليمانية“، أحد الصروح العظيمة لتركيا والعالم الإسلامي. بُني هذا المسجد في القرن السادس عشر ميلادياً، بأمر من السلطان العاشر في الدولة العثمانية، السلطان سليمان القانوني، والمعروف عند الغرب يومها بـ ”سليمان العظيم“.
وفعلً كان سلطانا عظيما بفتوحاته التي وقف العالم شاهدا عليها، فقد وصلت الدولة العثمانية خلال حكمه إلى أقصى اتساع لها حينها. وشرّع السلطان سليمان القانوني القوانين، وبنى مؤسسات الدولة، لذلك فهو جدير أن يُسمى المسجد باسمه.
أشرف على بناء مسجد السليمانية المهندس المعماري المشهور ”سنان باشا“، والذي بناه على طراز العمارة العثمانية الكلاسيكية. ويحتوي المسجد على أربع مآذن، ويبلغ قُطْر القبّة 26,5 متراً وارتفاعها 53 متراً.
ولمسجد السليمانية ميزة خاصة في تصميمه، وذلك بفضل النظام الصوتي الفريد والمستخدم بداخله، إذ بإمكان المرء سماع صدى الصوت فيه بوضوح، وذلك بفضل المكعبات الفارغة بداخله حول محيط القبّة وفي أماكن مختلفة في المسجد. ولطريقة التصميم وأسلوب البناء هذه قصة طريفة، حيث يُروى أن المهندس المعماري سنان باشا أجرى العديد من تجارب الصوت لاختبار فعالية تصميمه. وفي خضم تلك التجارب، أرسل بعض الناس إلى السلطان سليمان وقالوا له إن سنان يشرب ”الأرجيلة“ (الشيشة) داخل المسجد. وعندها غضب السلطان غضباً شديداً وذهب بنفسه ليتثبت من الأمر، فوجد سنان ينفخ بالأرجيلة ولكن من دون تبغ ولا دُخان، وكان هدفه من ذلك أن يسمع صدى صوت قرقعة الماء الموجود بداخل الأرجيلة في المسجد!
لم تقف براعة سنان في تصميم المسجد إلى حد مسألة النظام الصوتي فيه، بل جاء بأسلوب مبتكر لمنع تلوث جدران المسجد بدخان المصابيح الزيتية التي كانت تستخدم في إضاءته، حيث استطاع تجميع الدخان المتصاعد من تلك المصابيح بنقطة واحدة والاستفادة منه في تصنيع أحبار الكتابة التي كانت تستخدم في كتابة الوثائق في الدولة حينها.
وفي إبداع مُبتكر آخر في تصميم المسجد، لجأ المهندس المعماري سنان لوضع المئات من بيض النعام في أرجاء المسجد المختلفة، بهدف منع تجمّع شباك العنكبوت والنمل والحشرات، ذلك لأن الحشرات تكره بيض النعام، وبالتالي تتجنبه. يتسع مسجد السليمانية لحوالي 10 آلاف شخص، وتتزين جدرانه بآيات من القرآن الكريم، وبإمكان أي شخص رؤية لفظ الجلالة ”الله“ في كل مكان فيه.
يضم المسجد ضريح السلطان سليمان القانوني وبجانبه زوجته ”حُرّيم خاتون“، وضريح المعماري سنان أيضاً.