مهرجان إسطنبول للفيلم
Ali Bin Towar Network
فيها ألمع نجوم السينما والدراما التركية.

في إحدى جولاتي في إسطنبول التركية، شاءت الفرص أن حضرت مهرجان إسطنبول للفيلم في دورته السابعة والثلاثين. كانت ليلة مميزة لأنني حضرت تقليدًا فنيًا سنويًا منذ سنة 1982؛ فالمعلوم أن السينما التركية خلال الفترة الأخيرة قد احتلت مكانة هامة في الوسط السينمائي الفني العالمي، وذلك لما حققته من تطورات وتغيرات هامة من الناحية التقنية، وما اتبعته من موضوعات أدبية جديدة.

وقد رافقت الطفرة السنيمائية التركية تطورًا في المجال الأكاديمي السينمائي؛ لتصبح السينما تخصصًا جامعيًا يُدرس في الكثير من الجامعات إن لم نقل جميعها، ويعتمد فرع السينما في هذه الجامعات على قسميه النظري والتطبيقي ومن ثَمَّ يتخرج سنويًا عدد من المخرجين والمنتجين وكتاب السيناريو وغيرهم، وكذلك الأبحاث الأكاديمية الكثيرة التي تناولت هذا الموضوع مادةً للبحث والمقاربة.

تعرفت خلال هذه الدورة من المهرجان على وجوه سينمائية معروفة ومؤثرة في الوسط الفني، ليس الوسط التركي فقط، وإنما على مستوى الشرق الأوسط بل والعالمي كذلك.

بدأت حواري مع أحد عمالقة الإخراج التركي، عارف كيسنكر، قامة فنية أعطت الكثير في هذا المجال، تحدثنا عن الفرق بين صناعة الأفلام في الماضي والحاضر، وعقدنا مقارنة بينها، بدا الرجل مُرحِّبًا بأفكار الجيل الجديد ومدى استثماره التكنولوجيا في تطوير الحقل السينمائي، وتكريها للهرم عارف كيسنكر حصل في اليوم نفسه على أهم جائزة في تركيا من مؤسسة إسطنبول للثقافة والفنون، وهي أكبر مؤسسة تركية متخصصة في هذا الشأن.

انتقلت من جيل الرواد إلى جيل الشباب، ودخلت في حديث شيق وممتع مع ثلة من المخرجين والممثلين الشباب، الذين اختاروا طريق الفن مسارً مهنيًا. ريزا سولناز هو أحد أشهر المخرجين والممثلين الأتراك، شاب طموح ومثقف ومفعم بالحيوية والنشاط، تكلمنا حول مهرجان إسطنبول للفيلم، وما يقدمه من إضافة نوعية للسينما في تركيا، وعرجنا على أهم صعوبات صناعة السينما التركية.

صادفت مخرجًا تركيًا آخر يدعى تولغا كاراشيليك، تبادلنا أطراف الحديث، إنه شاب ملهم خريج كلية الحقوق، لكنه دأب على تعلّم الإخراج من مواقع التصوير، لمست فيه موهبته وإصراره على مواجهة تحديات تعيق السينما التركية.

في آخر لقاءاتي مع الفنانين الأتراك، واجهت أصلا شاهين ممثلة تركية شابة وطموحة، عبرت عن مدى تفاؤلها بخصوص واقع ومستقبل الفن التركي، رغم وجود ما أسمته نظام الاسترقاق، كانت تقصد المجهود الكبير الذي يبذله الفنانون لتصوير المسلسلات التركية، والتي تُذاع أسبوعيًا بمعدل 120 دقيقة في الحلقة.

كانت رحلتي داخل قاعات مهرجان إسطنبول للفيلم، تجربة خاصة ومثيرة، احتككت فيها بألمع نجوم السينما والدراما التركية، ورأيت وجه الحداثة التركية، استوقفني مدى متانة الروابط الفنية والإنسانية بين الأجيال الحاضرة في المهرجان، وربما هذا ما يجعل للفن التركي حظوظًا قوية للمنافسة على المستوى الدولي.