
تقع مدينة ”شيان“ بالوسط الشمالي للصين، وهي من ضمن المدن الصينية الأكثر كثافة بحوالي ثمانمائة ونصف مليون نسمة. ككلمة، شيان تعني مدينة السلام، وهي مدينة عصرية بامتياز تضاهي مدينة بيجين و ”هانغزو“. وقد استفادت من سياسة الانفتاح والتحديث التي نهجتها الصين منذ التسعينيات، إذ تصنف حاليًا مركزًا ثقافيًا وصناعيًا هاما في الصين.
مثلت مدينة شيان على مر التاريخ العاصمة الإدارية والسياسية للصين تحت حكم ثلاثة عشر سلالة على امتداد ألف ومائة سنة، بل هي العاصمة التاريخية الأولى للصين الموحدة منذ 3000 سنة، وقد بلغت مدينة شيان أوج ازدهارها خلال فترة حكم سلالة ”التانغ“، التي تزامن حكمها مع الدول الإسلامية المتعاقبة، حيث مثلت نقطة انطلاق مركزية لطريق الحرير، هذا الطريق الذي جعل مدينة شيان قبلة للتجار المسلمين، لتكون هذه المدينة أول مدينة صينية يدخلها الإسلام منذ أربعة عشر قرن.
من يزور شيان لابد أن يمر عبر سورها التاريخي المبني في عهد سلالة ”المينغ“، سور ضخم يبلغ ارتفاعه 12 مترًا، وعرضه 12 مترًا أيضًا، وسمكه يتراوح بين 15 – 18 مترًا في الجانب السفلي، بينما يبلغ طوله 13.7 كيلومترًا مع خندق عميق، ويحيط به من الجانب الخارجي 5948 شرفة. هذه الشرفات مخصصة للجنود القناصة، حيث تمكنهم من إطلاق النار على العدو. وعلى الجانب الداخلي بُنيت حواجز لحماية الجنود من السقوط.
يعتبر هذا السور تحفة معمارية فريدة تدل على تطور الهندسة في ذلك الوقت، ويدل طبعًا على قوة سلالة ”المينغ“، التي بسطت سيطرتها على هذه البلاد الواسعة.