
في إحدى جولاتي في أمريكا اللاتينية, وتحديدا في عاصمة الإكوادور كيتو، التقيت بتاجر طاعن في السن يبيع الشاي. فسألته عن سعر الشاي بعد أن كنت ألقيت التحية عليه، وكانت إجابته بما يعادل ١٠ سنت أمريكي. تعجبت من حال العجوز، وأعطيته خمس دولارات، وكان حينها أن صدمني بردة فعله، إذ انتابه غضب شديد, وهو ما كان واضحا على ملاحمه. بعدها قال لي انه بغنى عن “رأفتي” وأنه لا يأخذ ما ليس له حق فيه ولا يجني إلا مايتعب عليه. وأضاف أن كل مايكفيه هو قوت يومه وإطعام زوجته وأبنائه. وعلاوة على ذلك، رفض رفضا قاطعا أن يبيعني الشاي!
كم كان هذا الموقف مؤثرا، فكم منا لا يرضى إلا بما يكسبه. يحمل ذاك العجوز أخلاق نبيلة وقناعة تجاه واقعه، فكم منّا يُقدّر ما يمتلك؟! رأس مال ذاك العجوز هو سخان الشاي وفي عينيه سعادة لا يعرفها إلا قليل من الناس. إنها سعادة الفقراء التي لا تغادر قلبه.