في مدينة هانغزو الصينية، قصدت أحد المحلات التي تعنى بالخط الصيني، وللحروف الصينية قصة قديمة جدًا بقدم تاريخها، لأنه يوجد أكثر من مليوني حرف في اللغة الصينية، يستعمل منها فقط 2000 حرف لقراءة صحيفة مثلا، كما أن هذه الحروف كانت تكتب بشكل عمودي، أما اليوم فقد أصبحت تكتب بطريقة أفقية.

سألت الخطاط صاحب الورشة عما يكتبه، فأخبرني أنه الرمز الصيني ورمز التنين، وأن الخط الصيني نشأ منذ قديم الزمان. هناك أنواع كثيرة من الخطوط، والمقاطع المختومة، والمقاطع الأصلية، والمقاطع المبسطة، والمقاطع شبه المتصلة، والمقاطع المتصلة، ويمكن تقسيم المقاطع المختومة إلى المقاطع القديمة المحفورة على العظام، والنقوش المختومة ”النقوش البرونزية“، إضافة إلى النقوش المختومة الصغيرة. والمقاطع الأصلية في عهد سلالة ”هان“ وهي ثاني السلالات الإمبراطورية التي حكمت الصين، وعهد أباطرة ”هان الغربية“، وكذلك في عهد أباطرة ”هان الشرقية“. إنه لإرث ثقافي يعتز به أهل الصين.

أما الورق فهو من أهم الاختراعات الصينية. وهناك أمثلة لوثائق كتبت في القرن الخامس قبل الميلاد واستخدمت لكتابتها أوراق شجرة البامبو. وقد كنت أتساءل دائماً عن الدلائل الكامنة وراء هذا الاختراع العظيم الذي يفتخر به الصينيون. لقد احتاج الصينيون إلى تدوين العقود والعلوم والمعارف، فاضطروا إلى الكتابة على أوراق هذا الشجر، والذي تطور عبر العصور إلى الورق الذي نراه اليوم. هذا الاختراع يعتز به الصينيون كثيرًا، بل يفتخرون كذلك بالمقاطع (الحروف) الصينية التي يكتبون بها لغتهم.

بعد برهة من الاستغراق في العمل الدقيق الذي كان يقوم به أمامي، استأنف الخطاط كلامه عن عهد أباطرة هان الغربي وأباطرة هان الشرقية قائلا: هذا ”رمز التنين“، وهذه ”ووشو“ وتعني عاماً في دورة التقويم الصيني أواخر الخريف، ونحن الآن في الشهر الأخير منه. لاحظت أن الريش الذي يستخدم في الكتابة يصنع من ذيل الخيل، والدواة مصنوعة من خشب البامبو. وفي ختام الجلسة معه فاجأني مضيفي بكتابة شيء لم أفهمه، وبعدها أخبرني أنه كتب شبه الجملة ”خطى الرحالة“.

تنتشر الكتابة الصينية في كل مكان، ونادراً ما نرى كتابات باللغة الإنجليزية، وتكاد تكون اللغة العربية معدومة في الصين، فالخطابات الحكومية وتقارير المؤسسات والشركات تكتب كلها باللغة الصينية، لغة ”الماندرين“.