
لفت انتباهي، وأنا أتجول في شوارع مومباي، لوحة فنية رسمتها عشوائيةُ الملابس. وما زادني إعجابًا واندهاشًا هو اكتشافي أن هذا المكان هو أكبر مغسلة مفتوحة في العالم، في حي يسمى ”دوبي غات“. ويحتوي الحي على أكثر من 800 مغسلة مكشوفة. وازددت استغرابًا ودهشة حين اكتشفت أن الناس يعيشون داخل هذه المغاسل، ينامون ويسكنون فيها، بل إن هناك تعايشا مع المكان وحيوية وحركة دائمة فيه رغم رائحة الملابس ومساحيق الغسيل.
رغم تواضع المكان وعشوائيته، ورغم اعتباره من الأماكن الغريبة فعلا، إلا أنه منظَّمٌ بطريقة دقيقة جدًا. لك أن تتصور مئات بل آلاف القطع من الملابس تملأ المكان وتشكل مع بعضها رسومات أنيقة ولوحات بديعة، وكأنها قطع أثرية جميلة، تنعكس ألوانها المتناسقة تحت أشعة الشمس، وتزيد المكان جمالا وبهاء.
“دوبي غات” أكبر حيّ من نوعه في العالم متخصص في غسل الملابس وكيِّها، كما يحتوي على أكبر تجمُّع للمغاسل في الهواء الطلق. ومساحة دوبي غات تبلغ عشرة هكتارات، وتعيش فيه وتعمل مئات العوائل والأسر التي كرست أوقاتها لغسل آلاف قطع الملابس وكيِّها، والتكفل بتوصيلها إلى أصحابها لاحقًا، وهم يُعرَفون باسم ”دوبي والا“، ويعملون أمام النَّاس في الشوارع، يغسلون الملابس لنزلاء الفنادق والمستشفيات في منطقتهم، ويفعلون ذلك بجد منذ الصباح، وهم يتوارثون هذه المهنة أبًّا عن جدٍّ.