أوشوايا.. نهاية العالم
Ali Bin Towar Network
ولسخرية القدر، كان السجناء هم من بنوا السجن!

من سجن يضم أخطر المجرمين والقتلة المحكوم عليهم بالأشغال الشاقة، إلى وجّهة عالمية يرتادها السياح من شتى بقاع العالم. هكذا هو حال مدينة وجزيرة ”أوشوايا“ القابعة في أقصى جنوب الكرة الأرضية.

تأسست مدينة أوشوايا عام ١٨٨٤ في بقعة تُطلٌ على المضيق البحري، قناة بيغل، على الحدود بين الأرجنتين وتشيلي. وتتبع المدينة مقاطعة ”تييرا ديل فويغو“ أو ”أرض النار“ في الأرجنتين، وتتربع في مكان يلتقي فيه المحيطيْن الأطلنطي والهادي. وتحتضن المدينة حوالي ٦٠ ألف نسمة من السكان.

تسمى مدينة أوشوايا أيضاً بمدينة ”نهاية العالم“، وتتميز بعزلتها عن العالم ويشكل البحر شبه المتجمد الذي يحيط بها سياجاً طبيعياً يجعل منها أيقونة طبيعة وساحرة، على الرغم من مناخها الشديد البرودة والثلوج التي تتساقط عليها بشكل دوري.

وفي عام ١٩٠٢، بُني على أرضها سجن ”ريوفيندر“ وهو أحد أغرب السجون في القرن العشرين، ولعبت المنطقة الجغرافية دورا رئيسيًا في منع أي حالة فرار للسجناء من هذا السجن. وضم السجن حينها اثنين من أخطر المجرمين في الأرجنتين، ”كاشيدانو سانتوس غودينو“ الذي تمرس قتل الأطفال، والسجين ”ماتيو بانكس“ وهو أول قاتل متسلسل في الأرجنتين.

ولم يكن المناخ البارد والطبيعة الجغرافية السبب وراء بناء السجن في هذه المنطقة، بل لرغبة الحكومة الأرجنتينية في الحد من خسارة أراضيهم لـلجارة تشيلي. لذا، جاء الأمر السيادي ببناء السجن في مدينة أوشوايا.

ولسخرية القدر، كان السجناء هم من بنوا السجن، وعلى أثر نجاحهم في البناء، أمرت الحكومة هؤلاء السجناء ببناء المستشفيات ومراكز حكومية أخرى في المدينة. وفي عام ١٩٤٧ وبعد فرار آخر سجين، قررت الحكومية الأرجنتينية تحويله إلى متحف جنوبي وأطلق عليه اسم ”الكتراز الجنوب“. ويقوم المتحف بحفظ تاريخ مدينة أوشوايا.

وتعتبر مدينة أوشوايا بوابة القطب الجنوبي، حيث يعبر منها حوالي ٩٥٪ من الرحلات إلى القارة البيضاء في الجنوب. ولا تقتصر هذه السفن على السياحة والأبحاث العلمية فحسب، بل تشمل سفن الشحن التجاري. وكانت المدينة أيضاً معبراً رئيسياً للسفن قبل افتتاح قناة بنما. وتعد تربية الأغنام وصيد الأسماك والسياحة من مصادر الدخل الرئيسية للمدينة.