لوحات صخرية قديمة تثير الجدل 2022
لوحات صخرية قديمة تثير الجدل.. هل تظهر فيها حيوانات عملاقة منقرضة من العصر الجليدي؟
لوحات صخرية تعكس تنوع الأمازون بشكلٍ كامل، من السلاحف، والأسماك، إلى النمور، والقرود، والنيص.

توصلت دراسة حديثة إلى أن لوحات صخرية اكتشفت حديثا تُصور كائنات عملاقة منقرضة، وهو ما يرجح فرضية أن هذه الرسومات تمت قبل قرون.

فمنذ أكثر من 12 ألف عام، كانت أمريكا الجنوبية تعج بمجموعة مذهلة من وحوش العصر الجليدي، من حيوانات الكسلان الأرضية العملاقة، والحيوانات آكلات الأعشاب العملاقة، والحيوانات الشبيهة بالغزلان بأنف ممدود.

وتُعد هذه الكائنات العملاقة المنقرضة من بين العديد من الحيوانات التي خُلِّدت في إفريز من اللوحات الصخرية يبلغ طولها 13 كيلومترًا في ”Serranía de la Lindosa“ بغابات الأمازون المطيرة في كولومبيا، وهي عبارة عن فن ابتكره بعض من أوائل البشر الذين عاشوا في المنطقة بحسب دراسة جديدة.

وقال مؤلف الدراسة، والأستاذ بقسم الآثار بجامعة ”إكستر“ بالمملكة المتحدة، خوسيه إيريارتي: ”تتمتع (اللوحات) بتنوع الأمازون بشكلٍ كامل، من السلاحف، والأسماك، إلى النمور، والقرود، والنيص“.

ويُسمي إيرياتي الإفريز، الذي من المحتمل أنه رُسِم على مدى قرون، إن لم يكن آلاف الأعوام، ”الرحلة الأخيرة“، إذ قال إنه يمثّل وصول البشر إلى أمريكا الجنوبية، وهي المنطقة الأخيرة التي استعمرها الإنسان العاقل أثناء انتشاره حول العالم من موطنه الأصلي، أفريقيا.

وواجه هؤلاء من الشمال حيوانات مجهولة في طبيعة غير مألوفة.

وقال إيريارتي إنهم ”واجهوا هذه الثدييات ذات الأجسام الكبيرة، ومن المحتمل أنهم رسموها. ورغم أنه لسنا أصحاب الكلمة الأخيرة، إلا أن هذه اللوحات واقعية للغاية، ويمكننا رؤية السمات الشّكلية للحيوانات“.

ولكن اكتشاف ما يسميه العلماء بـ ”الحيوانات الضخمة المنقرضة“ بين الرسومات التفصيلية المُبهرة هو أمر مثير للجدل.

ويرى علماء آثار آخرون أن حالة الحفظ الاستثنائي للوحات تُشير إلى أنها أكثر حداثة، وأنه يتواجد مرشحون آخرون للمخلوقات المصوّرة فيها.

رسمة لحيوان الكسلان العملاق
رسمة لحيوان الكسلان العملاق

وعلى سبيل المثال، فإن حيوان الكسلان الأرضي العملاق الذي حدّده إيريارتي وزملاؤه يمكن أن يكون في الواقع خنزير الماء (كابيبارا)، وهو قارض عملاق شائع اليوم في جميع أنحاء المنطقة.

لوحات صخرية بانتظار صاحب الكلمة الأخيرة

وبينما يقرّ إيريارتي أن الدراسة الجديدة ليست الكلمة الأخيرة في هذا النقاش، إلا أنه واثق من أنهم قد وجدوا دليلًا على مواجهات بشرية مبكّرة مع بعض من عمالقة الماضي التي اختفت.

من المُحتمل أن اللوحة رُسمت على مدى قرون
من المُحتمل أن اللوحة رُسمت على مدى قرون

وحدّد الفريق 5 من هذه الحيوانات في الدراسة، وهي: كسلان أرضي عملاق بمخالب ضخمة، وحيوان gomphothere (مخلوق يشبه الفيل برأس مُقبب، وآذان كبيرة، وخرطوم) ، وسلالة منقرضة لحصان برقبة سميكة، وكائن camelida، وهو مثل جمل أو لاما، إضافةً إلى كائن بحوافر ثلاثية الأصابع، أو حيوان ثدي بحوافر، مع خرطوم.

وأشار إيريارتي إلى أنها معروفة جيدًا بسبب هياكلها العظمية المتحجرة، وهو أمر مكّن علماء الأحافير من إعادة بناء الشكل الذي يُفترض أن تكون عليه.

ومن ثم تمكّن إيريارتي وزملاؤه من تحديد سماتها المميزة في اللوحات.

ويكمن الأمل في تحديد التاريخ المباشر للصبغة الحمراء المُستخدمة في طلاء كيلومترات من الصخور، ولكن من المعروف أن تأريخ الفن الصخري، ورسومات الكهوف أمر صعب.

ولا يمكن تأريخ المغرة، وهي صبغة معدنية غير عضوية لا تحتوي على الكربون، باستخدام تقنيات التأريخ بالكربون المشع.

ويأمل علماء الآثار أن الفنانين القدماء قاموا بخلط المغرة بعامل ربط سيسمح لهم بالحصول على تاريخ دقيق.

ومن المتوقع ظهور نتائج هذا التحقيق في وقت لاحق من هذا العام.

ونُشر البحث الإثنين في مجلة ”Philosophical transaction of the Royal Society B“.

رسومات بمادة المغرة

وفي تقرير نشر أواخر عام 2020، قال موقع لايف ساينس إنه وعلى على امتداد نحو 13 كم، رسم إنسان العصر الجليدي في الأمازون بمادة حمراء رسومات تشبه رسوم الصغار ولكنها بقيت على الصخور أكثر من 12 ألف عام، ليكتشفها الإنسان المعاصر. فماذا تضمنت الرسومات وماذا كشفت؟

هذا الفن الرائع، المرسوم بمادة المغرة- وهي صبغة حمراء تُستخدم بشكل متكرر كطلاء في العصور القديمة- امتد على ما يقرب من 13 كيلومتراً من الصخور فوق 3 كهوف صخرية في الأمازون الكولومبي، وفق ما نشره موقع livescience.

وقال عالم الآثار بجامعة إكستر المشارك في الدراسة مارك روبنسون، والذي حلل بعض مضمون الفن الصخري إلى جانب علماء كولومبيين: ”هذه صور رائعة حقاً أنتجها الأشخاص الأوائل الذين عاشوا في غرب الأمازون“.

الأمازون لم تكن غابة ماطرة

ويرجح العلماء أن السكان الأصليين بدأوا في رسم هذه الصور بموقع Serranía La Lindosa الأثري، على الحافة الشمالية من الأمازون الكولومبي، في نهاية العصر الجليدي الأخير، أي منذ نحو 12600 إلى 11800 سنة.

وقال روبنسون: ”خلال ذلك الوقت، كانت الأمازون لا تزال تتحول إلى الغابة الاستوائية التي نعرفها بها اليوم“.

وأدى ارتفاع درجات الحرارة إلى تغيير منطقة الأمازون من المناظر الطبيعية من السهول العشبية والغابات الشائكة إلى الغابات المطيرة الاستوائية المُورقة اليوم.

طرق الصيد والعيش والزراعة
طرق الصيد والعيش والزراعة

الرسومات تكشف وجود حيوانات منقرضة 

وتتضمن آلاف اللوحات التي تعود إلى العصر الجليدي في الأمازون بصمات يدوية وتصميمات هندسية ومجموعة كبيرة من الحيوانات الصغيرة مثل الغزلان والتماسيح والخفافيش والقردة والسلاحف والثعابين، إلى الكبيرة منها، وضمن ذلك الإبل والخيول والثدييات ذات الحوافر ثلاثية الأصابع مع خراطيمها.

وقدمت هذه الرسومات شخصيات أخرى من البشر ومشاهد صيد وصوراً لأشخاص يتفاعلون مع النباتات والأشجار ومخلوقات السافانا أو السهول العشبية.

وقال الباحثون إنه على الرغم من وجود فن صخري للحيوانات من العصر الجليدي في وسط البرازيل، فإن النتائج الجديدة أكثر تفصيلاً وتلقي الضوء على شكل هذه الأنواع المنقرضة الآن.

وقال روبنسون: ”تعطي اللوحات لمحة حية ومثيرة عن حياة هذه المجتمعات، إنه أمر لا يصدَّق بالنسبة لنا اليوم أنهم صدقاً عاشوا بين آكلات أعشاب عملاقة، بل اصطادوها علماً أن بعضها بحجم سيارة صغيرة“.

ويبدو أن العديد من الحيوانات الكبيرة في أمريكا الجنوبية انقرضت في نهاية العصر الجليدي الأخير، على الأرجح من خلال مزيج من الصيد البشري وتغير المناخ.

أكل الإنسان القوارض والتماسيح

وكشفت الحفريات داخل الملاجئ الصخرية، أن هذه المخيمات كانت من أقدم المواقع التي سكنها الإنسان في منطقة الأمازون.

وتُقدم اللوحات والمعسكرات أدلة حول الوجبات الغذائية المبكرة للصيادين وجامعي الثمار؛ على سبيل المثال، تشير بقايا العظام والنباتات إلى أن القائمة تضمنت ثمار النخيل والأشجار وأسماك الضاري المفترسة والتماسيح والثعابين والضفادع والقوارض.

وحفر العلماء بالملاجئ الصخرية في عامي 2017 و 2018، في أعقاب معاهدة السلام لعام 2016 بين الحكومة الكولومبية والجماعة المتمردة FARC.

العصر الجليدي في الأمازون

وبعد اتفاقية السلام، قاد الباحثون مشروعاً يُعرف باسم LastJourney أو الرحلة الأخيرة، والذي يهدف إلى معرفة متى استقر الناس لأول مرة في منطقة الأمازون، وما هو تأثير الزراعة والصيد على التنوع البيولوجي بالمنطقة.

وقال الباحث المشارك في الدراسة وعالم الآثار بجامعة إكستر، خوسيه إيريارت: ”هذه اللوحات الصخرية دليل مذهل على كيفية قيام البشر بإعادة بناء الأرض، وكيف قاموا بالصيد البري والمائي والزراعة“.

وأضاف: ”من المحتمل أن الفن كان جزءاً قوياً من الثقافة وطريقة للناس للتواصل الاجتماعي“.

ونُشرت هذه الاكتشافات، في أبريل/نيسان 2020، بمجلة Quaternary International، وأصدرت جامعة إكستر بياناً عن بعض تفاصيل هذا الاكتشاف بالتزامن مع فيلم وثائقي تلفزيوني بعنوان ”Jungle Mystery: Lost Kingdoms of the Amazon“ أو ”لغز الأدغال: المملكة الضائعة داخل الأمازون“.

——————–

المصدر: سي أن أن + عربي بوست